أزمة السكن في العراق: تقدم مُحرز، لكن لا تزال هناك حاجة إلى حلول شاملة
يعاني العراق من أزمة سكن حادة، نتيجة عقود من الصراع والفساد والنزوح. ويُقدر العجز السكني في البلاد بأكثر من 2.5 مليون وحدة، مما يترك الملايين دون إمكانية الحصول على مساكن بأسعار معقولة.
المبادرات والتحديات الحكومية
منذ توليه منصبه في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أطلق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني العديد من المشاريع الهادفة إلى سد العجز في الإسكان، بما في ذلك بناء مدن جديدة في جميع أنحاء البلاد. إلا أن هذه الجهود تواجه تحديات، مثل عدم انتظام التمويل، والفساد، وارتفاع أسعار الإيجارات بشكل غير منظم.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك مشروع مدينة بسماية الجديدة، الذي أُطلق عام ٢٠١٣ كأول مدينة مُخططة في العراق لتلبية احتياجات الإسكان. ورغم التقدم المُحرز في البداية، واجه المشروع تأخيرات بسبب خلافات مالية وانخفاض أسعار النفط، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد العراقي. ونتيجةً لذلك، توقف البناء مؤقتًا بين عامي ٢٠٢٠ و٢٠٢٢.
التبعية الاقتصادية وتداعياتها
يُشكّل اعتماد العراق الكبير على عائدات النفط، التي تُشكّل أكثر من 90% من دخل الحكومة، خطرًا على استدامة مشاريع الإسكان. ويمكن أن تُعيق تقلبات أسعار النفط جهود التنمية، كما حدث في مشروع بسماية. ويُبرز هذا الاعتماد الاقتصادي ضرورة التنويع لضمان تمويل مستقر للبنية التحتية الأساسية.
التوسع الحضري وضغوط البنية التحتية
أدى تركيز فرص العمل في المدن الكبرى مثل بغداد والأنبار إلى زيادة الهجرة الحضرية، مما فاقم أزمة السكن. يُثقل هذا التدفق الحضري كاهل البنية التحتية القائمة، مما يؤدي إلى إطالة زمن التنقل وإرهاق الخدمات العامة. وقد تعرقلت جهود تطوير النقل العام، مثل مشروع مترو بغداد المقترح، بسبب النزاعات السياسية ومشاكل التمويل.
النهج المبتكر والنظرة المستقبلية
تستكشف بعض مبادرات القطاع الخاص حلولاً مبتكرة لأزمة السكن. على سبيل المثال، قامت شركات عقارية، مثل “بيت عراقي”، بدمج الألواح الشمسية في مشاريعها لمعالجة نقص الكهرباء وتقليل الاعتماد على شبكات الكهرباء الحكومية. إضافةً إلى ذلك، اتخذ العراق خطوات لتحسين مناخه الاستثماري، بما في ذلك توقيع اتفاقية سنغافورة في أبريل/نيسان 2024 لتسهيل التجارة والاستثمار الدوليين.
في حين تُشير هذه التدابير إلى إحراز تقدم، يُشدد الخبراء على ضرورة إيجاد حلول شاملة. وتتطلب معالجة أزمة السكن جهودًا متواصلة لتنويع الاقتصاد، ومكافحة الفساد، وتطبيق استراتيجيات فعّالة للتخطيط الحضري.